أقامت الرابطة اللبنانية الصينية للصداقة والتعاون وجمعية الصداقة للشعب الصيني مع البلدان الأجنبية، يوم 9 نوفمبر/ تشرين الثاني، إجتماعاً إفتراضيّاً عبر تطبيق zoom، تحت عنوان “إحتفال باليوبيل الذهبي نحو مرحلة جديدة للعلاقات الصينية اللبنانيّة”، وذلك بمناسبة الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسيّة بين الصين ولبنان.
حضر الإحتفاليّة كل من السفير الصيني لدى لبنان، تشيان مينجيان، و السفيرة اللبنانية لدى الصين، ميليا جبور، وكذلك عدد من المسؤولين من جمعية الصداقة للشعب الصيني مع البلدان الأجنبية، ومن الرابطة اللبنانيّة الصينيّة للصداقة والتعاون، وعلى رأسهم رئيس الرابطة الدكتور مسعود ضاهر.
تضمّن هذا الإجتماع الإفتراضي إفتتاحيّة وجلستين، وكان للعديد من المسؤولين السابق ذكرهم كلمات ومداخلات.
ففي الإفتتاحيّة، كان هناك كلمات لكل من السيّدة لين يي، نائب رئيس جمعيّة الصداقة للشعب الصيني مع البلدان الأجنبيّة/ الدكتور مسعود ضاهر، رئيس الرابطة اللبنانيّة الصينيّة للصداقة والتعاون/ السيّد تشيان مينجيان، السفير الصيني لدى لبنان/ والسيّدة ميليا جبور، السفيرة اللبنانيّة لدى الصين.
وفي الجلسة الأولى، الّتي كان عنوانها “التواصل الشعبي والتعاون المحلي لخدمة العلاقات الصينيّة اللبنانيّة”، كان هناك مداخلات لكل من السيّد محمود ريّا، عضو الرابطة ومؤسّس ومدير موقع الصين بعيون عربيّة/ السيّدة يان شياوهوي، نائب عمدة مدينة يان آن بمقاطعة شآنشي/ السيّد كمال كرم، نائب رئيس بلديّة حمّانا السابق/ والدكتور أدهم السيّد، أستاذ مساعد وباحث في مركز البحوث الصيني العربي لمبادرة الحزام والطريق- جامعة تشجيانغ للعلوم الصناعيّة والتجاريّة- مؤلّف كتاب “هكذا كانت ووهان”.
أمّا في الجلسة الثانية، التي كانت تحت عنوان “التبادل الشبابي والإستفادة المتبادلة بين الحضارات لترسيخ القاعدة الشعبيّة لبناء الحزام والطريق”، فكان هناك مداخلات لكل من السيّد جيانغ هوا، نائب المدير العام لوزارة الثقافة والسياحة الصينيّة/ الدكتور كميل حبيب، عميد كليّة الحقوق والعلوم السياسيّة بالجامعة اللبنانيّة/ الدكتور فتشيمينغ، عضو مجلس الإدارة لجمعيّة الصداقة الصينيّة العربيّة ونائب عميد كليّة اللغات الأجنبيّة بجامعة بكين/ والسيّد إيفان كركلا، عضو الرابطة ومدير مسرح كركلا للرقص.
كلمة مدير موقع “الصين بعيون عربية”، الأستاذ محمود ريا:
“تحية طيبة لكم جميعاً، تغمرني سعادة كبيرة للحديث في هذا الحفل المميز الذي تقيمه الرابطة اللبنانية الصينية للصداقة والتعاون، وجمعية الصداقة للشعب الصيني مع البلدان الأجنبية، بمناسبة الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات اللبنانية الصينية.
ولكم كانت سعادتي أكبر لو لم تمنعنا جائحة كوفيد 19، من الإلتقاء بكم وجهاً لوجه، وبناء علاقات صداقة شخصية أقوى وأعمق مع حضراتكم جميعاً.
إنطلاقا من أهمية العلاقات العربية الصينية والعلاقات اللبنانية الصينية، والمستقبل المشرق لهذه العلاقات، تم في عام 2005 تأسيس موقع الصين بعيون عربية من أجل مواكبة التطورات التي تشهدها هذه العلاقات، ومن أجل خلق منصة تبادل إعلامي بين العرب والصين، تكون فرصة لتقديم وجهات نظر عربية إلى الصين، ووجهات نظر الصين إلى الدول العربية دون المرور بالوسيط الأجنبي الذي كان دائماً ينقل صورة مشوهة لكلا الطرفين، وقد نجح الموقع بدعم من الأصدقاء والمحبين للصين في عالمنا العربي، وعلى رأسهم صديقنا الكبير رئيس الرابطة اللبنانية الصينية للصداقة والتعاون الدكتور مسعود ضاهر، في إيصال هذه الرسالة بشكل مناسب إلى حد كبير.
ونحن من خلال الموقع، قمنا بزيارات عديدة إلى الصين، والمشاركة في العديد من اللقاءات والمؤتمرات التي تهدف إلى تقريب وجهات النظر العربية والصينية وخلق فضاء موحد بين الأمتين العربية والصينية، وهذا الأمر نشهد على أنه تم تحقيقه خلال السنوات الماضية، ونأمل له في المستقبل القريب المزيد من التطور في مسيرة العلاقات الفردية بين كل دولة عربية على حدا والصين، والعلاقات الجمعية، يعني بين جامعة الدول العربية بشكل عام والصين كدولة كبيرة جداً، تسعى لتحقيق التواصل بين كل دول العالم، وخلق مجتمع المصير المشترك للبشرية.
لقد شهدت شخصياً التطور الكبير الذي حققته الصين خلال السنوات الماضية، فمن هاينان وغويتشو وهانغتشو ونانجينغ في الجنوب إلى أوروماتشي وكاشجار وتوربان وكذلك لانتشو ودونهوانغ وينتشوان وشيآن إلى بكين في الشمال والشمال الغربي وصولاً إلى شنغهاي العظيمة في الشرق، شهدت النهضة الكبيرة للمؤسسات، والإنجازات العظيمة وشهدت هذه النهضة، ليس فقط في المدن الكبرى، وإنما أيضاً في المناطق التي كانت تعتبر ذات نمو أقل، ما يدل على أن الصين تعطي أهمية كبرى لإنتشال القطاعات الأكثر فقراً من الفقر، والوصول إلى المجتمع المتناغم رغيد العيش بصورة معتدلة، وصولاً إلى المجتمع رغيد العيش بشكل شامل في العام 2050 كما تخطط الصين.
ما نأمله في لبنان وفي الدول العربية الأخرى هو أن نتمكن من الإستفادة من هذه التجربة الصينية الرائدة وفقاً لظروفنا وإحتياجاتنا، الأمر الذي يؤدي إلى نهضة بلداننا، ويسير بها في طريق الإلتحاق بركب النمو والتقدم كما نأمل أن تكون الصين داعماً وعوناً لنا في هذا المسار.
بالمقابل فإن ما نرجوه هو وجود توجه حقيقي من العرب بشكل عام ومن اللبنانيين بشكل خاص للإستفادة من التجربة الصينية ولتعميق العلاقات مع هذا العملاق الكبير لما فيه مصلحة الأمتين العربية والصينية وشعوبهما، على مختلف الصعد الإقتصادية منها، والسياسية والثقافية والحضارية وغيرها.
ونحن، في موقع الصين بعيون عربية، سنواصل عملنا الحثيث لتقريب المسافات ونقل وجهات النظر بما يفيد أكثر وأكثر، في التمازج والتلاقح الحضاري والمجتمعي شعبياً بالدرجة الأولى، وعلى المستوى الرسمي أيضاً، وبهذا نكون قد أنجزنا المهمة التي انتدبنا أنفسنا لها، وهي مهمة التحول إلى جسرٍ يجمع العرب والصينيين ، ولنقدم الصين فعلاً بعيون عربية.
شكراً لكم مرة أخرى على إتاحة هذه الفرصة، وأخص بالشكر الرابطة اللبنانية الصينية للصداقة والتعاون، بشخص رئيسها الدكتور مسعود ضاهر، وجمعية الصداقة للشعب الصيني مع البلدان الأجنبية ومسؤوليها الكرام، ومعاً نحو الخمسينية الجديدة من العلاقات الدبلوماسية الأوثق والأعمق بين لبنان والصين.”
=
كلمة الدكتور أدهم السيّد:
“السيدة لين يي، الدكتور مسعود ضاهر، سعادة السفير تشيان مينجيان، سعادة السفيرة ميليا جبور،
الحضور الكريم،
منذ خمسون عاما، تمكنت الصين وبدعم من كافة الدول الصديقة للشعب الصيني من استعادة مقعدها الشرعي في الامم المتحدة. فتح ذلك الباب واسعا أمام “الصين الجديدة” كي تبدأ مسار بناء العلاقات الدبلوماسية مع الدول الاخرى، ومن بينها لبنان.
وها نحن نحتفل باليوبيل الذهبي على اقامة هذه العلاقات.
تكتسب هذه المناسبة أهمية كبرى من اجل تعزيز العلاقات الاخوية القائمة على الربح المشترك والدعم الثابت لقضاية البلدين، وعلى رأسها الدعم الكامل لمبدأ “الصين الواحدة” ورفض كل الدعوات الانفصالية المدعومة من الامبريالية، وكذلك التأكيد على دعم حق الشعب اللبناني بالدفاع عن نفسه في وجه الاطماع الاسرائيلية وحقه بالمقاومة وكذلك حقه في اختيار طريق التنمية الذي يناسبه وبناء علاقاته الدولية على أساس هذه المبادئ.
نعم، انها مناسبة للعمل على تعزيز وتطوير هذه العلاقات خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي تواجه بلادنا والعالم.
فعلى المستوى الدولي، تسعى الولايات المتحدة لجر البشرية نحو حرب باردة جديدة هدفها قمع تطور الصين ومن خلفها كل الدول الساعية للتحرر والتقدم. وهذا النهج العدواني المعتاد من قبل الولايات المتحدة نراه في كل مفاصل العلاقات الدولية، بدءا من الاحلاف النووية الجديدة، مرورا بالعقوبات الاقتصادية الظالمة والحروب التجارية واستخدام مفهوم الامن القومي لقمع التطور التكنولوجي لباقي الدول وخاصة الصين، وصولا الى وصم الاخرين من اجل اخفاء الفشل في مواجهة وباء كورونا. كل ذلك يدعونا للتوحد بوجه هذا النهج العدواني، والعمل سوية لبناء عالم جديد يسود فيه الربح المشترك بدل النهب والعدوان السائد اليوم.
أما منطقتنا العربية فهي الساحة الاكثر تأثرا بهذا المشهد الدولي السلبي. من “مبادرة القرن” الساعية الى تصفية حقوقنا في فلسطين، الى حروب مدمرة في أكثر من بلد عربي هجرت وقتلت الملايين ودمرت مئات المدن.
أما لبنان، فهو يمر بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، وعلى الرغم من ذلك، من الممكن تحويلها الى فرصة تاريخية من اجل بناء اقتصاد حقيقي متحرر من التبعية. وانا من الاشخاص الذين يرون أن هذه الامكانية قائمة ان توفرت الارادة من اجل اقامة علاقات إقتصادية متينة مع الصين قائمة على الربح المشترك. هذه القناعة تكونت وتعززت بعد ان تعرفت على الصين بالمباشر من خلال عيشي فيها لاكثر من 6 سنوات، وأيضا من خلال دراسة علاقات الصين الاقتصادية مع باقي الدول، فحيث وصلت الصين، حلت التنمية الاقتصادية والعلاقات القائمة على الاحترام المتبادل. وهذا ما نحتاج اليه في لبنان، علاقات تبنى على أساس مصلحة الشعب اللبناني وقضاياه المحقة.
الحضور الكريم
منذ فترة قصيرة، أرسل الرئيس الصيني “شي جينغ بينغ” خطاب الى أبناء اصدقاء الصين الذين قدموا اسهامات كبيرة لهذا البلد. وكان من بين تلك الشخصيات الدكتور جورج حاتم، اللبناني الذي سافر الى الصين في العام 1933، وأصبح بنضاله الى جانب الحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني واحد من أهم 100 شخصية أثرت في “الصين الجديدة”.
يقول الرئيس الصيني، “التاريخ يواصل طريقه إلى الأمام، وتنتقل الروح العظيمة من جيل إلى آخر… آمل أن تتبعوا خطوات أحبائكم، وتساهموا في تعزيز الصداقة والتعاون بين الشعب الصيني وشعوب العالم”.
أعادني هذا الكلام مباشرة الى فترة اغلاق مدينة ووهان، حيث كنت موجود هناك، وقررت البقاء فيها على الرغم من انه تم اجلاء معظم الاجانب من المدينة. يومها كان أكثر سؤال يتم توجيهه الي، “لماذا لم تخرج من المدينة؟”.
قلت يومها “ان هذا الموقف ليس فرديا، فتاريخ التضامن بين الشعوب لا يخلو من هكذا مواقف. ولنا في تاريخ العلاقة بين لبنان والصين مُعلم ومثال كبير هو الدكتور جورج حاتم الذي التحق بالثورة الصينية وعرف بطبيب الثورة…”. وكأني يومها كنت أشير الى تلك “الروح” النضالية التي تنتقل بين الاجيال التي تحدث عنها الرئيس الصيني، وهي قبل كل شيء مبنية على التعاون والتضامن الانساني بين الشعوب.
الحضور الكريم،
ان كان لنا ان نقيس العلاقة بين الشعوب، فالنضال المشترك هو أهم مقياس. وعليه، فإن العلاقات اللبنانية الصينية التي تعود الى بدايات القرن الماضي، والتي عبدها جورج حاتم بالدم والعرق والعلم، لا بل تعود الى أبعد من ذلك، الى تاريخ التبادل والتعاون السلمي بين شعوبنا الذي يضرب عميقا في تاريخ طريق الحرير القديم الذي كانت احدى أهم محطاته مدينة صور في جنوب لبنان. ان هذه العلاقات التي نتحفل بها اليوم، تتغذى وتتعمق يوميا بنضالنا المشترك، بوقوفنا الى جانب بعضنا البعض، وبدعم قضايانا المشتركة.
أخيرا، الى جانب الانتماء القائم على صلات الدم ومكان الولادة، هناك الانتماء الذي نختاره بالنضال. وبالنسبة لي، فكما اني أفتخر انني لبناني عربي، أنتمي الى قضاية شعبي وخاصة قضية فلسطين وقضية التحرر من التبعية للغرب، كذلك، ومنذ ان أتيت الى الصين، وخاصة خلال السنتين الاخيرتين، أصبحت بالنضال إبنً لهذا الشعب. عندما كنت بحاجة الى المساعدة، وقفت الصين وشعبها الى جانبي وقدمت لي كل ما أحتاج، وعندما احتاجتني الصين، كنت وبكل فخر الى جانبها.”