تتميز الصين بالتنوع في تضاريسها ومناخها وشعبها. وكما هي الحال في أي مجتمع آخر، فإن الصين متعددة القوميات. إلى جانب الصينيين من قومية “هان”، الذين يشكلون أكبر قومية في الصين، هناك رسميا 55 قومية أخرى معترف بها يمتد بها التاريخ بعيدا في التاريخ الصيني، وتمثل في مجملها نحو 10% من إجمالي السكان.
في هذا المقال الموجز، أدون ملاحظاتي عن الشمول الاجتماعي للأقليات القومية في الصين. وأعتزم نزع الحجاب عن حرب المعلومات التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية ضد الصين، فيما ما يتصل منها بحقوق الأقليات القومية خصوصا في الصين.
يزدهر اقتصاد الصين مستندا إلى نمو الطلب الداخلي والاستهلاك. فكلما ارتفعت القدرة الشرائية للطبقة العاملة من خلال ارتفاع الأجور ومستويات المعيشة، زاد استهلاكها، وزادت معها معدلات النمو. إن هذا الأساس المادي لإعادة الإنتاج الاجتماعي يتطلب سلاما اجتماعيا مدعوما بسياسات الرفاه الاجتماعي، وتوزيع الثروة، مما يعمل على إزالة الفروق بين الطبقات العاملة. وفي المراجعة السريعة التالية أدناه، سأعتمد على تجارب شخصية وتعليقات أخرى لفضح حملة المعلومات المضللة التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ضد الصين.
في عام 2018، أكد الرئيس شي جين بينغ، في جولة تفقدية أثناء رأس السنة القمرية الجديدة: “أن الصين دولة اشتراكية. إن نظامنا الاشتراكي يهدف إلى السماح للناس من جميع القوميات بأن يعيشوا حياة عظيمة. ولا ينبغي أن نترك خلفنا أي قومية أو أسرة أو شخص واحد”. كما ذكرنا أعلاه، فإن الصين متعددة القوميات. ليست قومية “هان” كتلة متجانسة على الإطلاق، وهي تتوزع في مناطق البلاد كافة. وقومية لوبا هي أصغر قومية في الصين، ويقدر عدد أفرادها بخمسة آلاف نسمة. وبعيدا كل البعد عن المصير المأساوي للأقليات والسكان الأصليين في الغرب، فقد أولت الصين، بالمقارنة، رعاية ممتازة للأقليات من خلال ضمان حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية الكافية، وحماية تطلعاتهم الثقافية كجزء من الثروة الاجتماعية الوطنية.
وإذا أمعنا النظر في الحرب الإعلامية الأخيرة ضد الصين، لرأينا كيف تنفخ الولايات المتحدة الأمريكية في أبواقها الكراهية بين القوميات في الصين، انعكاسا لسياستها داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها. فمن الواضح أن هذا الطرق الإعلامي الأمريكي ضد الصين، لا يعدو كونه صدى لقرون مضت من كراهية أمريكية للصين، ولا يزال رجعها حيا يتردد حتى يومنا هذا. ورغم أن الصين قد حققت مكاسب ساطعة في مجال التنمية الاجتماعية، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تشيح بنظرها عنها، لتزعم أن مثل هذه التنمية قد أهملت المناطق الريفية حيث يعيش العدد الأكبر من أبناء الأقليات القومية.
تظهر البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء في الصين، أن متوسط نصيب الفرد من الدخل القابل للإنفاق في المناطق الريفية شهد نموا مستمرا في جميع المناطق. يدل ذلك على أن الأقليات القومية التي تعيش بشكل رئيسي في شمال غربي الصين وجنوب غربي الصين، تتقاسم معدلات الزيادة نفسها مع أغلبية قومية “هان”.
والأكثر غرابة في هذه الحرب الإعلامية، العمل الدؤوب في وسائل الإعلام الغربية الرئيسية لتزوير صورة السكان المسلمين في منطقة شينجيانغ الذاتية الحكم، والزعم بأن الحكومة الصينية تتعمد تصفية المعتقدات الإسلامية في شينجيانغ وحظر إحياء شعائرها، وتضطهد أتباع الديانات الأخرى، منتهكة بذلك حقوق الإنسان الدولية. تدّعي تلك الوسائل أن الحكومة الصينية احتجزت أكثر من مليون من الأقليات المسلمة في معسكرات الاعتقال.
فقدت هذه القصص الملفقة مصداقيتها بما فيه الكفاية في وسائل الإعلام غير المتحيزة. وبحسب أدهم السيد، الذي عاش في الصين لسنوات عديدة وزار شينجيانغ مرات عدة، فإن الأكاذيب الغربية فيما يتعلق بقضية الإسلام في شينجيانغ تشبه تلك المستخدمة ضد العراق- أسلحة الدمار الشامل- التي مهدت الطريق أمام الولايات المتحدة الأمريكية لشن حرب على العراق وتدميره.
وبما أنني عشت في الصين، وجلت في أنحائها، فقد وددت أن أدلي بدلوي أيضا:
يقدم المشروع الأمريكي لحقوق الإنسان المزعوم في شينجيانغ، على غرار مشروعات حقوق الإنسان الأمريكية في بلدان أخرى، صورة متحيزة ومجسمة من أجل إعاقة فهم الصورة الحقيقية في الصين.
ومن خلال لقاءاتي الخاصة مع أفراد من مختلف القوميات في الصين، اتضح لي، دون تحيز، أن أبناء هذه القوميات، بعيدون كل البعد عما تزعمه طبول الحرب الإعلامية، وأن حياتهم ومعتقداتهم وتقاليدهم حرة وطبيعية، ولم يتسن لي أن أرى منهم ما يشبه أي شكوى من السياسات الحكومية في الصين، لا من قريب ولا من بعيد. وباعتبارهم قومية أصلية، يشكل المسلمون الصينيون جزءا من التاريخ والهوية الصينية كما تشكل ثقافتهم ولغتهم وأعرافهم التقليدية جزءا من الثقافة والتراث الصيني. وفي هذا الصدد، حرصت الحكومة على حماية أنشطتهم الدينية ومساجدهم. وفيما يتعلق بالتعليم، حرصت أيضا أن تدخل إلى المناهج الدراسية، دراسة لغات الأقليات القومية أسوة بـ”بوتونغهوا”، اللغة الرسمية في الصين. ومن حيث العادات والتقاليد، تشكل مهرجانات القوميات جزءا لا يتجزأ من المشهد الثقافي الصيني. على وجه الخصوص، يتم أيضا تضمين رقصاتهم الشعبية كمجموعة متنوعة في الرقصات الصينية التقليدية.
في مدينة يانغتشو التي زرتها مؤخرا، ذهبت إلى مسجد شيانخه. يعد هذا المسجد أحد المساجد الأربعة الأكبر في الصين- إلى جانب مسجد هوايشنغ (في قوانغتشو)، ومسجد تشينغجينغ (في تشيوانتشو)، ومسجد فنغهوانغ (في هانغتشو). أخبرني إمام المسجد أنا وزملائي من جامعة صون يات صن أن بوسع المسلمين في يانغتشو ممارسة شعائرهم الدينية بحرية- سواء بتأدية صلاة الجمعة، أو صيام شهر رمضان، والاحتفال بعيد الفطر. يانغتشو هي واحدة من المدن التي تتمتع بمزيج من قوميات تعيش بوئام. وقد لاحظت أن بعض العبارات التي تحث على حب الدين والوطن منقوشة باللغتين العربية والصينية على جدران مسجد شيانخه، مما يعني أنه حتى عرض لغة أجنبية في موقع ثقافي غير محظور بموجب القانون، وهو النوع الذي يمارسه القوميون المتطرفون في أوروبا.
وأثناء تجولي في شوارع يانغتشو صادفت مجموعة من المواطنين الصينيين المتقاعدين من خلفيات قومية مختلفة- قوميات روسيا ومنغوليا والقازاق وغيرها- الذين اجتمعوا معا لممارسة الرقص كجزء من العمل الجماعي المجتمعي، وكوسيلة للتمرين أيضا.
يمكن لأي شخص يعيش في الصين أو يزورها أن يكتشف أن المسلمين الصينيين هم جزء من الجماعة الوطنية الصينية ولا يقيمون في منطقة شينجيانغ الذاتية الحكم فحسب، بل ينتشرون في المدن الصينية بأجمعها تقريبا. وتكشف الإحصائيات الأخيرة أن عدد السكان المسلمين في الصينيين ارتفع من 3ر20 مليونا في عام 2010 إلى 30 مليونا في عام 2022.
يجد المرء أن الحكومات المحلية في مدن مثل يانغتشو وقوانغتشو وهانغتشو وشيآن، تحمي الأنشطة الدينية العادية وتلبي المطالب الدينية للمؤمنين وفقا للقانون. في الواقع، يتمتع المسلمون في الصين بحرية كبيرة لممارسة شعائرهم الدينية، وبناء المساجد، ويلحقون أطفالهم بالمدارس الصينية- العربية. هناك أيضا مطاعم حلال في جميع المقاطعات والمدن في الصين، كما تقوم صناعة الملابس الإسلامية بإنتاج الملابس الإسلامية من قبعات للرجال وأغطية الرأس للنساء. الإسلام جزء لا يتجزأ من المجتمع الصيني، ولكن المشكلة هي في الغرب، الذي يحاول أن يستغل الحضور الإسلامي الصيني، ضد الصين، بدوافع سياسية إمبريالية.
ومن وجهة نظر التفاعل الشخصي إلى حد ما، فإن الشعب الصيني لديه فضول تجاه ثقافتي العربية، يرتكز على حب التعلم. وأضيف إلى ذلك، أنني عندما أتحدث لغة بوتونغهوا في الصين، على الرغم من أن مهاراتي اللغوية بدائية، فإن غالبا ما يتم الترحيب بي بالتشجيع والمدح. ولاحظت أيضا أنه عندما يقوم طلابي في جامعة صون يات صن بتقديم أنفسهم لبعضهم البعض، فإنهم عمليا لا يستفسرون أبدا عن خلفياتهم العرقية. وعندما سألت بدافع الفضول ما إذا كان هذا السؤال قد تم التغاضي عنه عمدا، كانت الإجابة ببساطة أنه لم يخطر ببالهم أبدا. وأدركت حينها أن التحيزات الطائفية في المجتمعات الغربيةــ كتلة الأشخاص أصحاب البشرة السمراء الذين يتعرضون للاحتقار الاجتماعي والثقافي في كل مناحي الحياة في الغرب- ظاهرة غير معروفة في الصين.
ينص الدستور الصيني على أن الدولة تحمي الحقوق والمصالح المشروعة لكل القوميات، وتساعد مناطق الأقليات القومية على تحقيق وتيرة سريعة للتنمية الاقتصادية والثقافية. صحيح أن بعض الدساتير قد لا تكرس الحقوق القانونية إلا لتقويض الحقوق الاجتماعية. على سبيل المثال، الأقليات في الولايات المتحدة الأمريكية متساوية أمام القانون ولكن غير متساوية اجتماعيا. ومع ذلك، تتمتع الأقليات القومية في الصين بالحماية القانونية والعملية. ويتم تمكين الأقليات القومية من خلال أشكال من ترتيبات الحكم الذاتي التي تحمي الخبز والثقافة، وذلك يتم في مخطط أوسع من آليات المساواة التي تملي تخصيص الموارد لمن هم أمس حاجة إليها.
وقد ينظر المرء إلى معدل النمو السكاني للأقليات القومية في الصين ويقارنه بالسكان الأصليين في الولايات المتحدة الأمريكية، الذين يشكل الفقر ومتوسط العمر المتوقع الأقصر لديهم شهادة على العنصرية الأمريكية المتأصلة. والحقيقة أن النظام القانوني في الولايات المتحدة الأمريكية لا يعترف بالحقوق الديمقراطية لسكانها الأصليين. وهي تدوس على المعاهدات وتستمر في سرقة الأراضي والموارد منها.
لذلك الأمر، من حقنا القول إن الولايات المتحدة الأمريكية، التي أثرت وقامت على ذبح سكانها الأصليين واستعباد الأفارقة قرونا طويلة، لا تملك الحق في تعيين من هو الذي يستحق أن يقال عنه بالشامل والدامج لجماعاته من الأقليات القومية، أو أنه يحسن معاملتها.
لتسليط الضوء مرة أخرى على شينجيانغ، ضمنت حكومة منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم حق الناس في العمل بغض النظر عن قومياتهم. ومنذ عام 2018، تمكنت شينجيانغ من توظيف أكثر من 151 ألف عامل ريفي في المحافظات الجنوبية. أما في التواصل الإعلامي، فيتم بث قنوات الراديو والتلفزيون بخمس لغات- بوتونغهوا والويغورية والقازاقية والقرغيزية والمنغولية. وفي وسائل الإعلام المكتوبة، يتم نشر صحيفة ((شينجيانغ اليومية)) بأربع لغات: بوتونغهوا والويغورية والقازاقية والمنغولية. وهنا نسأل: هل يتمتع الأمريكيون الأصليون بهذه الحقوق أو يحافظون على لغتهم وتقاليدهم وثقافتهم في الولايات المتحدة الأمريكية بهذا الشكل؟ الجواب بدون أدني شك.
غابرييل روكهيل، باحث أمريكي وناقد ثقافي واجتماعي، يذكرنا في مقابلة حديثة له نشرت أصلا باللغة الصينية في العدد الحادي عشر من ((دراسات الاشتراكية العالمية)) في عام 2023، بأن السكان الأصليين في الولايات المتحدة الأمريكية لم يتعرضوا لسياسات الإقصاء فحسب، وإنما أيضا تم نقلهم إلى محميات تسيطر عليها وتشرف عليها الدولة الأمريكية. ووفقا لروكهيل: “لا يزال الكثيرون- وخاصة الأفقر منهم- هدفا لإرهاب الشرطة العنصرية ويقاتلون من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية الأساسية”. وفي رأيي فان الحكم النهائي يعبر عنه رقم بسيط: في حين أن معدل نمو إجمالي السكان في الصين بلغ في المتوسط 05ر0% في السنوات العشر الماضية، فإن النمو السكاني في القوميات المسلمة نما بنسبة 5ر2%.
قد يكون التضامن بين القوميات في الصين مستمدا من حقيقة أن دخول العمال لا ترتفع إلا بوحدة العمل. وحقيقة أن الدخل ارتفع ثلاثة أضعاف في السنوات العشر الماضية في جميع المجالات، لا يمكن إلا أن تشير إلى أن التماسك بين الأقليات القومية وداخل الجماعة الوطنية ككل، هو مصدر هذا الارتفاع. أنا شخصيا لم أر أثرا لأي عنصرية في المجتمع الصيني. إن الصين لا تملك ماضيا استعماريا وليست دولة استعمارية، ولذلك فهي لا تحتاج إلى أي نوع من الأيدولوجيات المعادية للآخر، كمدرسة الاستشراق الغربية التي تشيطن شعوب الجنوب. ومن خلال التعاون، تدفع الحكومة سياسات شاملة تعزز الانسجام الاجتماعي والنزاهة.
وبينما تحاول وسائل الإعلام الغربية الرئيسية تشويه سجل الصين في مجال حقوق الإنسان، يمكن للمرء أن يجادل بأن حملة التخفيف من حدة الفقر على نطاق واسع هي في حد ذاتها علامة بارزة في إنجازات حقوق الإنسان لأنها حققت الحق في السلامة ومستويات المعيشة اللائقة لشريحة كبيرة من سكان العالم. ركزت الصين على التنمية في السنوات السبعين الماضية، كما عملت على زيادة دخل الأفراد لتعزيز الاستهلاك والطلب. وفي هذا السياق يمكن الاستنتاج أن الوحدة الداخلية للطبقة العاملة كانت، ولا تزال، أساس صمود الصين ونموها الاقتصادي.
التلفيق الآخر الذي تقوم به وسائل الإعلام الغربية المتحيزة، هو “المراقبة” الجماعية التي تقوم بها الصين. وهذا أمر سخيف للغاية لأن تركيب مرافق المراقبة في الأماكن العامة هو ممارسة شائعة تتبناها البلدان في جميع أنحاء العالم، لضمان السلامة العامة. وفي الغرب، يتم أيضا تركيب كاميرات المراقبة في كل مكان، في مراكز التسوق والمطارات والوحدات السكنية. هناك أيضا ماسحات ضوئية للوجوه للتعرف على الهوية. ومرة أخرى، الصين هي دولة الشعب. وتتجلى ديمقراطيتها في الرفاه وارتفاع مستويات المعيشة. أليس الحاسم أن الناس يصوتون لتحسين حياتهم؟ عندما يتجاوز متوسط العمر المتوقع في الصين نظيره في الولايات المتحدة الأمريكية حاليا، (أضف إلى ذلك أنه بدأ في الصين من أحد أدنى المستويات على مستوى العالم في عام 1949، والذي كان حوالي 35 عاما). تعتبر الكاميرات “مراقبة”، لكنها تهدف إلى مسح أعداء الجماهير، بدلا من زج الجماهير في الفقر والاستسلام للموافقة على الحروب الإمبريالية.
أود أن ألفت الانتباه إلى أوراق النقد (الرنمينبي) في الصين، (فهذه الملاحظة هي مسألة زائدة عن الحاجة وهي ذات أهمية رمزية فقط). نجد أن لغات أخرى، مثل لغة قومية شيتسانغ ولغة قومية الويغور ولغة قومية منغوليا ولغة قومية تشوانغ، تتم طباعتها إلى جانب اللغة الصينية. على العكس من ذلك، لا يظهر الدولار الأمريكي أي لغة أخرى غير اللغة الإنجليزية؛ على الرغم من أن جزءا كبيرا من السكان يتحدثون الإسبانية. وهذا يدل مرة أخرى على أن الولايات المتحدة الأمريكية، على العكس من الصين، لا تحترم سكانها الأصليين.
وفي الختام، لقد اضطلعت الصين بمهمة الوفاء بحقوق الإنسان بشكل جماعي حيث انتشلت حوالي 800 مليون شخص من الفقر. وفي هذه العملية، خلقت العمالة الكاملة تقريبا وتضاعفت الأجور ثلاث مرات في العقد الماضي (2010- 2020). تعتبر الأقليات جزءا لا يتجزأ من تاريخ الصين، وقد تم التعامل مع بعضها بشكل أكثر إيجابية لأنها ارتقت من أدني سلالم الفقر إلى السعة والرخاء، ما أن انتهت الحرب ضد الاستعمار، وفي شيتسانغ، خصوصا، التي ورثت تاريخا من العبودية والقمع الإقطاعي. وكان هدف الصين، ولا يزال تحقيق التوازن في التنمية الإقليمية. إن افتراءات الغرب لم تصمد أمام اختبارات الزمن. مرارا وتكرارا، تم فضح الأكاذيب، في حين كان الأمر المنطقي هو شروط الحياة غير المتكافئة التي تعيشها الأقليات في نصف الكرة الغربي، والتي تزداد سوءا كل دقيقة مع صعود الأحزاب ذات الاتجاهات الفاشية إلى سلطة الحكم.
وبطبيعة الحال، فإن هذه الأكاذيب هي أحابيل تهدف إلى التدخل في شؤون الصين الداخلية. والولايات المتحدة الأمريكية لديها سجل حافل في هذا المجال، من العراق، إلى ليبيا، وسوريا، والسودان، ينطق بليغا بما اقترفته من جرائم تدينها. عندما يتعلق الأمر بالمصالح الطبقية، لا تتم مناقشة الحقيقة الصارخة. فبينما تستهدف الولايات المتحدة الأمريكية المسلمين في جميع أنحاء العالم بالهيمنة والحرب، وتقتل الملايين منهم، فإنها تتهم الصين زورا باستهداف سكانها المسلمين. ولتوضيح الوضع الحالي، فإن العدوان الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية ضد الفلسطينيين- المذبحة الفعلية للأطفال والنساء على مرأى من العالم كله- يعتبر عملا من أعمال الدفاع عن النفس من قبل إسرائيل ضد اللاجئين الفلسطينيين الذين يستخدمون حق الكفاح المسلح من أجل العودة إلى وطنهم. وبينما تقوم الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بذبح المسلمين في قطاع غزة، فإن خداع الولايات المتحدة الأمريكية ونفاقها يظهران جليا في ادعائها القلق على مصير المسلمين الصينيين وتنتقد الصين بسبب إبادة جماعية لم تحدث إلا في الأكاذيب الأمريكية.
—
الأستاذة لندا مطر، باحثة في معهد دراسات المناطق بجامعة صون يات صن.