العميد تشينغ يو تشونغ
ملحق الدفاع لجمهورية الصين الشعبية في الجمهورية اللبنانية
في مناسبة الأول من آب الذي يصادف الذكرى الـ96 لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني والذكرى ال 78 لتأسيس الجيش اللبناني، أحب العميد تشنغ يوتشونغ، ملحق الدفاع أن يكتب عن جيش التحرير الشعبي الصيني و العلاقة بين حيشي البلدين ، ومما كتبه تحت عنوان «التطبيق العميق لأفكار تقوية الجيش السعي إلى بناء قوة جبارة وحضارية وسلمية»، الآتي:
يصادف هذا العام السنة الأولى لانعقاد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني. يعزم جيش التحرير الشعبي الصيني على تطبيق أفكار الحزب الشيوعي الصيني حول تقوية الجيش في العصر الجديد، وتنفيذ السياسات الإستراتيجية العسكرية في العصر الجديد، والمثابرة على بناء الجيش سياسيًا وتقويته عبر الإصلاح والعلوم والتكنولوجيا والكفاءات وإدارته حسب القانون، مما يقدم اسهامات أكبر لتحقيق هدف الكفاح لتقوية الجيش عند حلول الذكرى المئوية لتأسيسه.
1- تعزيز تحديث القدرات العسكرية والسعي لتحقيق حلم المئة سنة في بناء جيش قوي
قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في التقرير الذي قدّمه في المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني أنّ “تحقيق هدف الكفاح لتقوية الجيش عند حلول الذكرى المئوية لتأسيسه في الموعد المقرر وتسريع بناء الجيش الشعبي ليصبح جيشاً من الدرجة الأولى في العالم هما من المتطلبات الإستراتيجية لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل”. لطالما التزم الجيش الصيني بالطبع الثوري المتمثل في عدم التغاضي عن الطموحات والمهام الأساسية لبناء جيش قوي، وبتطبيق الفكر الإستراتيجي العسكري الذي قدّمه الرئيس الصيني وأمين عام الحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ، فيجب علينا توحيد الأفكار والمفاهيم بشكل شامل، وتقوية مسؤولية تنفيذ المهمة، وإيلاء اهتمام دقيق لتنفيذ الأعمال المطلوبة، وتعزيز بناء الحزب في الجيش، وتطبيق نظام مسؤولية رئيس اللجنة العسكرية المركزية؛ ويجب أن نعمل أيضًا على تعزيز التدريبات العسكرية والجاهزية القتالية لتحسين قدرة الجيش على كسب النصر في الحرب، ثمّ على توسيع إنجازات إصلاح الدفاع الوطني والجيش وتعزيز الإدارة العسكرية، ويجب أن نسعى لخلق صورة جديدة لبناء منظومة استراتيجية وطنية متكاملة ورفع كفاءتها.
سوف نستهل الذكرى المئوية لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني، وسيواصل الجيش الشعبي الصيني العمل على تطبيق أفكار الحزب الشيوعي الصيني حول تقوية الجيش في العصر الجديد، وتنفيذ السياسات الإستراتيجية العسكرية في العصر الجديد، ويبذل الجهود الدؤوبة ويمضي قدما في عملية حماية سيادة الدولة وحقوقها ومصالحها البحرية، والبقاء في حالة الجهوزية القتالية، وتطبيق التدريب العسكري الفعلي، وحماية المصالح الأساسية في المجال الأمني، ومكافحة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار، وحماية المصالح الخارجية، والمشاركة في عمليات الإنقاذ والإغاثة في حالات الطوارئ والكوارث وغيرها من المهام الأخرى الموكلة له من قبل الحزب والشعب، بهدف الاستمرار بخلق وضع جديد في قضية تقوية الجيش، وتوفير الدعم الاستراتيجي لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية.
2- العمل على تحديث الدفاع الوطني والمثابرة على حماية الأمن الوطني والاستقرار الاجتماعي
الأمن الوطني هو أساس نهضة الأمة، والاستقرار الاجتماعي هو شرط مسبق للازدهار الوطني. لذلك، سواء أكان الأمر في مجال تنفيذ التوجيهات لاستراتيجية “الدفاع الإجابي” للدفاع الوطني في العصر الجديد، أو التمسك بطريق التحديث والقوة العسكرية ذات الخصائص الصينية، فالهدف هو نفسه، أي الدفاع عن السيادة الوطنية للصين وعن أمنها ومصالحها التنموية، فالقوة الدفاعية الوطنية القوية دائمًا ما تركز على تلبية الاحتياجات المشروعة لأمنها. نحن نصرّ أن نعرب للعالم عن سماتنا المميزة المتمثلة في “عدم السعي أبدًا إلى الهيمنة أو التوسع أو توسيع مجال النفوذ، وعدم المشاركة أبدًا في سباق التسلح”. فالجيش الصيني القوي يحرص دائمًا على نقل إيمانه الراسخ للعالم، المتمثل بالحفاظ على السلام والاستقرار العالميين، والخدمة من أجل بناء مجتمع مستقبل مشترك للبشرية.
في شهر كانون الأول من العام الماضي، حضر الرئيس الصيني شي جين بينغ القمة الصينية العربية الأولى في الرياض حيث ألقى كلمة رئيسية، أكّد فيها أنّ الصين والدول العربية شركاء استراتيجيون، وأنّ من الضروري توارث روح الصداقة الصينية العربية ودفعها إلى الأمام، وتعزيز التضامن والتعاون، وبناء مجتمع صيني عربي أوثق ذي مستقبل مشترك، مما يعود بالمنفعة على الشعبين، ويدفع قضية التقدم البشري. كما قال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إنّ العلاقات الصينية العربية ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة. يجب على الصين ولبنان تعميق التعاون الأمني الثنائي والمتعدد الأطراف، وتعزيز التنسيق والشمولية والتعاون التكميلي بين الآليات الأمنية المختلفة، وخلق نمط أمني يتسم بالمساواة والثقة المتبادلة والإنصاف والعدالة والبناء المشترك والمنافع المشتركة، والعمل معًا لمواجهة التحديات العالمية مثل الإرهاب وأمن الشبكة الإلكترونية والكوارث الطبيعية الكبرى، والمساهمة بنشاط في بناء مجتمع مصير ذي مستقبل مشترك للبشرية.
3- تعزيز بناء مجتمع مستقبل مشترك للعلاقات الصينية اللبنانية، ومواصلة التبادلات والتعاون لبلوغ مستويات جديدة
وفي 25 تموز/يوليه 2006، أدى المقدم دو جاويو، وهومراقب عسكري صيني أرسل إلى هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة ونشر في جنوب لبنان، واجبه، وقدم التضحيةالقصوى من أجل السلام. وبعد الانفجار المأساوي في مرفأ بيروت في لبنان عام 2020، توجهت قوة حفظ السلام الصينية التابعة لليونيفيل إلى مكان الحادث لتنفيذ عمليات إنقاذ في إطار الأمم المتحدة.
في 4 تموز/يوليو من هذا العام، حضرت أنا والسيد تشيان مينجيان، سفير الصين المعتمد لدى لبنان، حفل تقديم الميداليات لقوة حفظ السلام الصينية لدى اليونيفيل. في هذا الحفل، يتم منح جميع أعضاء قوة حفظ السلام الصينية ال 410 في اليونيفيل، الذين قدموا مساهمات بارزة للسلام والاستقرار في جنوب لبنان، ميداليات الأمم المتحدة لحفظ السلام.
إنّ تطور الصين ليس تهديدًا، بل هو مساهمة كبيرة في تحقيق السلام والتنمية في العالم. تتمثل خصائص الدفاع الوطني الصيني في أنّه لا يسعى إلى الهيمنة والتوسع ولا يخلق مجالات لتوسيع النفوذ. وفي الوقت نفسه، يضع الجيش الصيني سلام الصين كهدف أساسي له ويتبع بثبات طريق التنمية السلمية، فيصبح عمود الأساس للحفاظ على السلام العالمي. تشارك الصين بنشاط في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وفي عمليات التنقيب عن الألغام في جنوب لبنان. في عام 2006، أرسلت الصين قوات حفظ السلام إلى لبنان للمرة الأولى، وعلى مدار الـ 17 سنة الماضية، ظلّ ضباط وجنود دفعات قوات حفظ السلام الصينية يحفظون دائمًا في ذهنهم مسؤولية الدولة الكبرى والنية الأولى والمهمة الأصلية للحفاظ على السلام العالمي، وخدمة بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية. حتى الآن، قد أنهت قوات حفظ السلام الصينية التنقيب عن حوالي مليوني متر مربع من حقول الألغام المشبوهة وغيرها من مناطق تناثر المتفجرات، و84000 متر مربع من طرق الدوريات حيث أزالت أكثر من 14000 لغم أرضيّ وأنواع مختلفة من الذخائر غير المنفجرة، محافظة على سجل “صفر حوادث وصفر إصابات”. تمّ إنجاز أكثر من 13000 مهمة بناء مثل تشييد نقاط مراقبة قوية على “الخط الأزرق” بين الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وإصلاح طرق الدوريات وزرع البراميل الزرقاء؛ وتمّ إجراء أكثر من 90000 استشارة طبية وأكثر من 2500 عملية جراحية؛ وما زالت قوات حفظ السلام الصينية تعمل على تعزيز التبادلات والتعلم المتبادل بفعالية، وإجراء تبادلات عسكرية وثقافية مع أكثر من 30 دولة من بينها إيطاليا وكوريا الجنوبية، سعيًا لنشر “التأثير الصيني” باستمرار؛ كما وقد قدّمت الاستشارات والتبرعات وعمليات الإنقاذ المجانية لأكثر من 60000 شخص من القرويين المقيمين، وعملت على إصلاح 320 كيلومترًا من الطرق. في عام 2020، خرج عناصر من قوات حفظ السلام الصينية لأول مرة من كتيبتهم في جنوب لبنان، متوجهين إلى مرفأ بيروت للقيام بعمليات الإنقاذ بعد كارثة انفجار المرفأ، حيث أكملوا إزالة حوالي 60000 متر مربع من الأنقاض في مرفأ بيروت، ونالوا الاحترام والتنويه من قبل منظمة اليونيفيل والسكان المحليين، حيث أشاد بهم اللبنانيون ولقّبونا بـ “ألطف صديق من الشرق”. قدّمت قوات حفظ السلام الصينية مساعدات إنسانية واسعة النطاق، حيث تبرعت بأكثر من 200 قطعة من القطع والمعدات الطبية والضروريات اليومية واللوازم المدرسية للقرى والمدارس المحلية والمحيطة؛ وظلّت تهتم بفتح المحطات الطبية والقيام بالزيارات الطبية إلى القرى المحلية بشكل منتظم، الأمر الذي حاز على احترام السكان المحليين.
تهتم الدفعة الـ21 من قوات حفظ السلام الصينية في لبنان بالتبادلات الثقافية، وعقدت أنشطة التبادل الثقافي مثل الاحتفال برأس السنة الصينية ومهرجان الثقافة الصينية وغيرها، وأجرت تبادلات ثقافية بين الصين ولبنان في المدارس والجامعات المحلية، كما قدمت في مقر اليونيفيل دروسًا في اللغة الصينية ودروسًا تديبية في مجال الطب. كما نفّذت أيضًا عمليات إزالة الألغام والمتفجرات وقامت بأنشطة تبادلية عدة كالمسابقات الثقافية والرياضية مع قوات حفظ السلام من الدول الأخرى مثل كمبوديا وفرنسا وإسبانيا وصربيا، التي أشاد بها قائد قوات اليونيفيل الجنرال أرولدو لازارو. لقد أوفت قوات حفظ السلام الصينية بوعدها الرسمي المتمثل بـ “الوفاء بمهمتها بإخلاص والحفاظ على السلام العالمي” من خلال جهودهم المبذولة على أرض الواقع. وفي المستقبل، ستستمر بالكفاح من أجل قضية السلام بروح معنوية عالية وأسلوب حازم وإيمان راسخ وروح نكران الذات.