تحدث نائب رئيس الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية الدكتور بيار الخوري إلى برنامج الاقتصادية عبر قناة الميادين، عن حرب الرسوم الجمركية المتوقعة على الاتحاد الأوروبي ، لافتا” الى ما قاله الرئيس الاميركي دونالد ترامب إن على بلاده فرض رسوم مرتفعة على السيارات الأوروبية المستورده في حاله عدم التوصل إلى اتفاق تجاري، فهل تستكين أوروبا لشروط ترامب؟ كذلك تحدث عن ثورة التكنولوجيا في الصين وإعادة تدوير الفوائض الصينية، وطريق الحرير، وإلى أين ستؤول الحروب التجارية الأمريكية، وهل هناك رابح في هذه الحروب؟.
في البداية قال الخوري :” كان يجب أن ننتبه أن ترامب في حربه التجارية مع الصين لم يستند إلى حلفائه الدوليين بل اختار أن يمشي في مسيرة هذه الحرب منفردا، من هنا نستطيع أن نضع خطا تحت مجموعة من الاستنتاجات الخاصه بمفهوم الحرب التجارية للولايات المتحدة. طبعا هناك ميل لتسمية الاستراتيجية الامريكية بالترامبية وهذا ميل عالمي وليس ميل إعلامي فقط، لأن ترامب يشكل قفزة جديدة في السياسه الأمريكية تجاه العالم. ترامب اليوم يعتقد ان أوروبا هي الحلقة الضعيفة وليس الصين. فالحرب ضد الصين معقدة جدا، وقد تكون مكلفة على المدى القصير، وقد لا تصل إلى نتائج محتومة على المدى الطويل، بينما في هذه السلسلة العالمية واذا وضعنا الصين مقابل أوروبا، فأوروبا هي الطرف الضعيف، وتعتقد الإدارة الأمريكية اليوم إنها قادرة على سحب تنازلات من أوروبا في مدى قصير جدا يمكن استثماره في شيئين: في السياسة الأمريكية، وفي المعركة طويلة الآمد مع الصينيين؟ فاوروبا اليوم بدات تشهد مناخات غير ايجابية وغير صحية في بعض اقتصاداتها، وخاصة إقتصادات الأطراف، ويفترض ان تكون ألمانيا جاهزة مره أخرى لإعادة لم هذه الاقتصادات للحفاظ على تركيبة الإتحاد الأوروبي وهذه عملية مكلفة وتؤذي تنافسية الاتحاد الاوروبي. من يعرف جيدا، يعرف أن أمريكا ارتاحت إلى الإتحاد الأوروبي لأنه قد سمح بتحول هاديء للجمهوريات السوفيتية الى العالم الغربي، لكن اليوم ليس من المضمون أن أمريكا لازالت تحتاج إلى هذه التركيبة في أوروبا”.
أما عن نظرية الولايات المتحدة الجديدة، كل دولة لنفسها، أضاف الخوري :” فكرة كل دولة لنفسها من ضمن منظومه تحكمها الولايات المتحدة، اي نحن نقود هذا العالم نحن الأقوى في هذا العالم نحن نمتلك المال نحن نمتلك العمله التي لا حد لها، نحن نمتلك 70% من اقتصاد العالم، ونحن نريد لكم أن تكونوا في هذا النظام ولكن ضمن أدوار وأحجام استراتجيتنا التي نرسمها”. وفي هذا المضمار لا أحد يهدد هذه الاستراتيجية سوى الصين.
اذا نظرنا إلى واقع الحرب الذي يقوم بشكل أساسي حول سوق السيارات، فالسيارات الألمانية المخصصة للولايات المتحدة معظمها ينتج اليوم في السوق الامريكي الشمالي ، إما في الولايات المتحدة وإما في المكسيك، فأذا اردنا ان نمنع هذه السيارات التي تاتي من المكسيك الى الولايات المتحدة فلماذا نسمح لكرايسلر تصدير سيارات من المكسيك الى الولايات المتحدة، إن منع ألمانيا إدخال سيارتها إلى الولايات المتحدة أو رفع الرسوم الجمركية سوف يؤدي إلى خسائر لشركات أمريكية أو تغيير مفهوم نافتا، وهذه أمور استباقية للمفاوضات المرتقبة،. لقد أدارت أمريكا الظهر لمقترحات أوروبية العام الماضي، بالقبول برفع التعريفات الجمركية، ويونكر اجتمع مع ابي الياباني واتفقوا على خطة ليكونوا جزءا من المشروع الأمريكي في الحرب التجارية على الصين، وأيضا أدار الأمريكيين الظهر لهما”.
وأضاف الخوري عن ترامب:” الرئيس الأمريكي قادم من القطاع التجاري ويجب أن نفهم ما معنى هذا في التكتيكات التي يمكن ان يعتمدها: تكتيكات شديدة الخبث وشديدة المناورة، والتي قد لا يعرفها استاذ جامعي مثل الرئيس أوباما، صحيح هو يستبق المفاوضات، بأن يضع الكثير من الغبار أمامه وفي النهايه يخرج ارنبا” يناسب استراتيجيته.
وعن تهديد ترامب بفرض 25% رسوم على السيارات الأوروبية بحجة تهديد الأمن القومي قال الخوري:”إذا لم يقل أنه يهدد الامن القومي الامريكي لا يستطيع فرض هذه الرسوم، بحسب القوانين فقط يستطيع الرفع الجذري للرسوم الجمركيه في حال كانت هذه البضائع تهدد الامن القومي”.
وتابع الخوري، ليس المستهدف السيارات، ولكن المستهدف الاقتصاد الأوروبي، والحرب ليست على السيارات ولكن الحرب على اليورو، فإذا بقيت الولايات المتحدة في هذا السياق من خسارة حصتها من السيولة العالمية سوف يتحول اليورو في مدى 5 أو 10 سنوات إلى العمله الاكثر احتفاظا في العالم، وهذا يهدد كامل البنية التي قام عليها الاقتصاد الامريكي- العالمي.
وأشار الخوري إلى أنه في المفاوضات بين أوروبا والولايات المتحدة المتوقعة، إمريكا لديها رغبة في تنازل أوروبي، وليس اتفاق عادل مع أوروبا، اذ ليس هناك في العالم غير الصين يستطيع أن يفاوض الولايات المتحده من موقع الند للند، ليس هناك اقتصادان متشابكان بهذه القوة كمثل الاقتصاد الصيني والاقتصاد الامريكي، أمريكا تعتقد انها تقدم الكثير من الخدمات الاستراتيجيه لأوروبا بما في ذلك خدمات الأمن، والتي يدفع ثمنها دافع الضرائب الامريكي، في المقابل لا تحصل على شيء من أوروبا، فأوروبا أعيد بناءها في القرن الماضي من قبل الامريكيين، واوروبا تحولت الى هيكل واحد في ظل دعم استراتيجي أمريكي كامل، اوروبا محميه منذ الحرب العالميه الثانيه حتى اليوم بالمظلة الامريكية، فالامريكيون لا يعتقدون ان الاوروبيين قد قدموا لهم شيئا.
وعن الملف الصيني، والمفاوضات الأمريكية الصينية قال الدكتور الخوري :” المفاوضات لها أفق ولكن طويل الأمد وكل طرف من الطرفين له حسابات مختلفة تماما عن الآخر، فموعد آذار لم يعد موجودا، وكما قال الرئيس الامريكي: ليس الموعد سحري. المشكلة الآن بين الولايات المتحدة والصين هي موضوعين بشكل أساسي أولا، التقدم التكنولوجي الهائل والسريع الذي حصل في الصين، والذي يهدد احتكار الشركات الأمريكية لعلم التكنولوجيا مستقبلا” وإن كان لا يهددها اليوم، لكن الأمم تعمل على ما سيحصل بعد سنوات، وليس على وضع الدول الأن. الأمر الثاني، مشروع طريق الحرير، وأين ستذهب الفوائض الصينية في المستقبل، وما مصير إعادة تدوير الاموال إلى الاقتصاد الأمريكي؟ اليوم ثلث السيولة الصينية في العالم موجودة في سندات الخزينة الاميركية عدا عن الاستثمارات الاجنبية المباشرة والشراكات في الأسواق المالية الامريكية، الخوف الذي لدي امريكا أنه إذا تطور مشروع طريق الحرير في ظل حاجه الدول إلى التمويل لن يكون هناك غير الصين لتأمين تمويل لاقتصادات هذه الدول. إن الصين ستخفض من إعادة التدوير في الاقتصاد الأمريكي لأنها ستكون محتاجة اكثر واكثر لتمويل مشروعها الاستراتيجي عبر العالم، وهذه نقطة هامة لأمريكا، فأمريكا تقول نحن من صنعنا اقتصادكم خلال الاربعين سنه الماضية. نحن نتذكر ثلاثه اشخاص ريغان، تاتشر ودينغ سياو بينغ وعالم اليوم هو من صناعه هؤلاء الثلاثه.
وتابع الخوري، الأن هناك مرحلة جديدة من تطور الصين، صنع في الصين 2025، وطريق الحرير، فكيف ستتعامل معهما المنظومة العالمية التي تديرها أمريكا؟ فامريكا تسأل ما هي حصتنا من إعادة تدوير فوائضكم في حال توسعكم عالميا. وهناك مشكلة اخرى وهي النمو السريع في الاكتشافات التكنولوجيه في الصين، يعتقد الأمريكيون أن هذا لم يكن ممكنا بدون الابحاث المتراكمة في الولايات المتحدة، أبحاث كلفت عشرات السنين ومئات البلايين من الدولارات، جاء الصينيون واخذوها عن طريق الشراكة مع الشركات الامريكية.
وعن وقف طريق الحرير قال الخوري:” لا يمكن وقف طريق الحرير إلا بالحرب، وهذه الحرب مكلفة لكل العالم، وأمريكا تفاوض على حصتها الآن من التطور الذي يمكن ان تاخذه الصين ناتج إمتدادات طريق الحرير، فلا يمكن وقف طريق الحرير الا بالحرب ومجنون من يعتقد أن هذه الحرب ممكنة، فالحرب بين أمريكا والصين مكلفة للاثنين وللعالم، لان هناك نوع من الترابط العميق بين المنصة الرأسمالية الصينية، وبين الرأسمال الامريكي.
وعن اقتناع أمريكا بأن الصين باتت قطبا عالميا إلى جانبها، قال الخوري:” نعم اقتعنت أمريكا، ولكن ضمن النظام العالمي الحالي، إذا كانت الصين تذهب لإنشاء نظام مختلف عن النظام الذي رسمت أمريكا مصالحها من خلاله، لا تريد أمريكا ذلك.
وتابع الخوري، كم من الفوائض الصينية قد تحولت إلى الاقتصاد الأمريكي نتيجة هذه النهضة الصينية ونتيجة عرق الشعب الصيني الذي عمل في أول 20 عاما بشروط مجحفة وبأجور متدينة؟ أمريكا تريد ان تحافظ على هذه العلاقة، والتفاوض على حصتتها فيها، وبداية ادفعوا ايها الصينيون ثمن هذه الابحاث التكنولوجية المتراكمة عبر عشرات السنين في مهاهد البحث والشركات الاميركية التي استحوذت الصين عليها.
لمشاهدة المقابلة كاملة https://youtu.be/RLBd2mEHhzU