مداخلة العميد قاسم جمول بمناسبة مرور 50 عامًا على العلاقات اللبنانية الصينية

يسرني ومن دواعي سروري أن نحتفل بمرور خمسون عامًا على انطلاق العلاقات الدبلوماسية اللبنانية الصينية، حيث أظهرت جمهورية الصين الشعبية خلالها حكومة وشعبًا اهتمامًا وحرصًا كبيرًا على لبنان، تجلى بتأييدها الدائم لسيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه ووقوفها إلى جانبه أيام الأزمات والمحن، ولا سيما خلال عدوان تموز 2006 ومشاركتها الفاعلة في قوات حفظ السلام التابعة إلى الأمم المتحدة في جنوب لبنان “اليونيفيل” ومساعدة أهالي القرى للصمود في قراهم.

يذكر أن العلاقات الودية بينهما تعود إلى قديم الزمان حيث أن طريق الحرير القديم كان يربط الشعب الصيني بالشعب اللبناني منذ أكثر من 5000 عامًا، وكذلك فإن المجتمع الصيني يعرف لبنان من خلال الطبيب الأميركي اللبناني الأصل “جورج حاتم” الذي رافق مسيرة الزعيم الصيني ماوتسي تونغ كطبيب له.

وقد أطلق الرئيس الصيني تشي جين بينغ مبادرة الحزام والطريق سنة 2013، وإنضم إليها لبنان سنة 2017، وللبنان دور مميز في طريق الحرير بسبب موقعه الجغرافي المهم وانفتاحه على الجميع.

وتقيم الصين علاقاتها مع دول المنطقة على أساس المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة، فالصين دولة عظمى يحتل اقتصادها المركز الثاني عالميًا ولبنان مساحته الجغرافيةصغيرة ويعاني من مشاكل اقتصادية وعجز تجاري كبير، ولكنه بالمقابل يتمتع بموقع جغرافي مميز جذاب باتجاه المشرق العربي من ناحية، وباتجاه أوروبا وأفريقيا من ناحية أخرى، كما أنه يملك إمكانيات كبيرة على صعيد الخبرات الفنية والبشرية.

وتقوم العلاقات بين جمهورية الصين الشعبية ولبنان على المنطق السيادي في العلاقات الدولية، فالصين مشهود لها بمواقفها المشرفة من القضايا المحقة والعادلة كقضية فلسطين، إضافة إلى سياستها الخارجية التي تقدم كل احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

وتعتبر علاقات التعاون اللبناني الصيني في مجالات التجارة والاقتصاد والثقافة، من أهم ركائز التعاون فضلا عن المساعدات والهبات التي تقدمها الصين إلى لبنان، ومنها هبة اللقاحات “سينوفارم” ضد فيروس كورونا إبان المحنة، وكذلك الهبة التي قدمتها لبناء المعهد العالي للموسيقى في منطقة “ضبية” والتي تبلغ قيمتها 77 مليون دولار والتي تقوم بتنفيذها شركة  الصينية العملاقة “CSCEC”.

وكذلك تم اختيار بيروت مقرًا لممثلية المجلس الصيني لتشجيع التجارة الخارجية والتي تغطي الشرق والأوسط وشمال أفريقيا، كذلك انضم لبنان إلى البنك الآسيوي للاستثمار سنة 2018 والذي تساهم فيه الصين بنسبة 50%، إن المصالح اللبنانية تمثل توجهات بالنسبة للعديد من المستثمرين الصينيين بخاصة في قطاع التكنولوجيا والبنى التحتية والطاقة والموارد الطبيعية حيث أبدت الشركات الصينية استعدادها للاستثمار.

هنا تبرز أهمية تنويع الخيارات الاقتصادية للبنان وبالتالي فإن شعار “التوجه شرقًا” قد يعطي فرصة لإنقاذ الاقتصاد اللبناني المتعثر دون إهمال بقية الخيارات.

ومن مظاهر التعاون بين لبنان والصين تقديم مساعدات عسكرية للجيش اللبناني بشكل آليات ومعدات مختلفة منها على سبيل المثال معدات لنزع الألغام بالإضافة إلى دورات في معاهد عسكرية لعناصر الجيش اللبناني، وكذلك في جامعة الدفاع الوطني الصيني  وكان لي الشرف أنا وزملائي من الجيش اللبناني أن حصلنا على شهادة الماسترز في العلوم الاستراتيجية من هذه الجامعة، وقد قمنا بإنشاء رابطة لخريجي هذه الجامعة لما نلناه من القيم والحضارة الصينية.

نهنئ لبنان والصين في هذه المناسبة .

نهنئ السفير الصيني بهذه المناسبة على أمل أن تقوم الحكومتان بتعزيز هذه العلاقات والاستقادة من القدرات والامكانيات الصينية لتعزيز الاقتصاد اللبناني المتعثّر وملاقاة العروض الصينية لما فيه خير الشعبين اللبناني والصيني.

لمن فاتته متابعة الأجزاء السابقة: