تحاول الصين، وبفضل تفوّقها الدائم وقوّتها الجبارة، منافسة الولايات المتّحدة الأميركيّة على حكم العالم بأكمله. وقد تنجح بفضل نشاطها وذكاء أبناء وطنها الجادين والساعين دائمًا للتقدّم في كلّ المجالات بدءًا من التكنولوجيا حتى صناعة الأسلحة الحديثة والمتطوّرة.

وفي السنوات الأخيرة عمدت بكين إلى تحديث شراكاتها الإستراتيجيّة ووسّعت تبادلتها العسكريّة وتدريباتها المشتركة مع دول كبرى مثل روسيا وباكستان وإيران. وقد تتحوّل هذه الشراكات مع مرور الوقت إلى شبكة ردع للخصوم ممّا يُفعّل العمليات في مواجهة الولايات المتّحدة وحلفائها. وهذا التحالف سيشكّل نقطة تحوّل حقيقيّة في هذه الحقبة من المنافسة الأميركيّة الصينيّة، وسيكون هناك عالم جديد ومقلق يُحسب له ألف حساب من الدول الكبرى وبطبيعة الحال من الولايات المتّحدة الأميركيّة.

فالصين تطرح نفسها بقوّة على الساحة الدوليّة، وهذا حقها كزعيمة للعالم النامي وداعمة لمبادئ عدم الإنحياز القائمة على عدم التدخل ومعاداة الإمبرياليّة. وفي الآونة الأخيرة، بدأ القادة الصينيّون يؤكّدون على تبنّيهم نوعًا جديدًا من العلاقات الدوليّة الذي يضمن المكاسب لجميع الأطراف المتعاونة معهم.

إنّ صعود الصين بهذه القوة السريعة يُفترض ألا يُخيف أحدًا كونه عاملًا إيجابيًّا لتقدّم العالم وازدهاره، في حين أنّ واشنطن تتمسّك بعقليّة الحرب البالية التي ولّى زمنها. أمّا القادة الصينيّون فيتبعون شعار القوة العسكريّة الأساسيّة لحماية البلد والمصالح الوطنيّة والاستثمارات، ويعتبرون، كما قال القائد جمال عبد الناصر: “ما أُخذ بالقوة لا يُستردّ بغير القوة، أي أنّ القوة العسكريّة أساسيّة، من الدول التي تدّعي الديمقراطيّة وحقوق الإنسان وتفعل عكس شعاراتها تمامًا”.

وما الدليل الساطع على ذلك سوى وعد بلفور واحتلال فلسطين والتصدّي لكل من يريد استعادة أرضه من خلال خلق مشاكل طائفيّة ومذهبيّة ومناطقيّة له وإطلاق عليه صفة مخرّب، وهذا ما تفعله إسرائيل الإستعماريّة والمدعومة أساسًا من الولايات المتّحدة الأميركيّة. ولذلك فإنّ الصين تدرس بعقل منفتح وراجح خياراتها وتُقيّم قوّتها العسكريّة بعدما قرّرت أن تُنافس الولايات المتّحدة كقوة عسكريّة مُهيمنة ليس في منطقة المحيطَيْن الهندي والهادئ فحسب بل على مستوى العالم. فالصين تحاول أيضًا عقد اتفاقيات دفاعيّة مع شركاء أقوياء وأساسيّين كروسيا وباكستان وإيران.

ففي السنوات الأخيرة قرأت العديد من الكتب والدراسات والمقالات والتقارير التي تفيد بأنّ الصين تسعى إلى تعميق الروابط الصينيّة الروسيّة لتواجه الحصار الغربي عليها كأول دفاع من دفاعاتها، وهي تشدّد أيضًا على ضرورة أن تتعاون وموسكو للتصدّي للتحالفات التي تقودها الولايات المتّحدة الأميركيّة، وتؤكّد أنّها مع الوقت ستتوصّل لشراكة بينها وبين روسيا غير محصورة وفي مجالات معيّنة دون أي سقف محدّد لها.

إذا أردت التكلّم عن تقدم الصين وتحالفاتها سوف أكون بحاجة لمئات الأسطر، ولكن ما يهمّ الآن هو أنّ الصين تدعم الدول النامية وخصوصًا في القضايا الاقتصاديّة والصناعيّة ذات الجودة العالية وغير المكلفة، وما الدليل على ذلك سوى دخول العديد من صناعاتها إلى لبنان بعد أن كثُر التجار اللبنانيّين الذين تمكنوا خلال سنوات قليلة من جمع ثروات طائلة بفضل البضائع الصينيّة.

واخيرًا، أتمنّى التوفيق لكل الدول التي تساعد الدول الفقيرة والمستضعفين لاستعادة أرضهم واقتصادهم، وبالطبع الصين على رأسهم.

لمتابعة باقي أجزاء السلسلة : اضغط هنا