فيما يلي نص المقابلة التي أجراها الملف الاستراتيجي مع رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال الدكتور توفيق دبوسي صاحب مبادرة “طرابلس عاصمة اقتصادية للبنان” والتي في حال تنفيذها ستنتشل العاصمة الافقر على المتوسط وتحولها إلى مدينة ذات وظيفة كبيرة ضمن رؤيا لدور لبناني متجدد في اقتصاده ومجتمعه. اود ان اشكر الأستاذ غسان ريفي رئيس تحرير جريدة “سفير الشمال” على المساعدة القيمة التي اسداها لي في معرض تحضير هذه المقابلة (د. بيار الخوري، ناشر الملف الاستراتيجي)
كيف يمكن أن تساهم الصين في المنظومة الإقتصادية المتكاملة على نطاق طرابلس الكبرى؟
اليوم حينما نتحدث عن الصين يتراءى أمامنا ما يطلق عليه ثورة في عالم الإقتصاد آتية من الشرق تتمثل بحزام وطريق الحرير، حيث لبنان قد ابرم مع الجانب الصيني إتفاقية أعلن من خلالها موافقته على أن يكون من ضمن هذا المشروع، وهنا لا بد لي من دراسة هذا المشروع ودراسة التفاصيل المتعلقة به ودراسة أيضا ما أود الحصول عليه من هذا المشروع أو ما يناسبني منه، والتأكد من أنه يناسب شعبنا ويناسب الدور الذي أطمح الى أن العبه على مستوى المنطقة وعما إذا كان من المناسب أن أكون مرفأ المنطقة أو مطار المنطقة أم منصة للنفط والغاز، وإذا كانت بمجموعها هي مثار شراكة فليس لدينا اية موانع في ذلك، ولكننا نريد ان لا نكون أسرى أحد ولا ان نكون في حال عداء مع احد لا الأميركي ولا الفرنسي ولا الروسي ولا الأوروبي لأننا نريد أن نبني شراكة مع المجتمع الدولي على ارض لبنان من طرابلس الكبرى توفر دورا لوطننا وكذلك فرص عمل للبنانيين لكي نبعد عن شعبنا ووطننا العنف والتطرف والحروب الداخلية أو حروب الآخرين على أرضنا.
هل لدى الصين قدرات لكي تتولى القيام بهذا المشروع؟
من المؤكد أن الصين تمتلك كل القدرات لتنفيذ المشروع ونحن نرى ان الصين بميزتها الإيجابية تستطيع إنجاز المشاريع الضخمة وذلك من خلال أنظمة جديدة في التعاطي معها أو تنفيذها، أكانت في الجسور أو المطارات أو المرافىء أو مشاريع البناء وفي كل المجالات حيث أثبتت الوقائع أن الصين لديها نظاماً جديداً يتسم بالسرعة القصوى وعلى سبيل المثال تشييد فندق أو بناء جسر في غضون ثلاثة أشهر علماً ان مشروعا مماثلا في دول أخرى يتطلب ثلاث سنوات وفقاً للأنظمة المتبعة فيها، من هنا تنبثق مصالحنا الندية لأننا نريد أن نكون على مسافة واحدة أمام المشاريع الإستثمارية الكبرى ونريد ان تتوفر لدينا المنافع والمرابح المتبادلة وأن يكون هناك شراكة متوازنة دون أن نثير اية حساسية لدى الآخرين.
ولننظر اليوم الى دولة الإمارات العربية المتحدة وكذلك الى المملكة العربية السعودية وتركيا ونحن هنا لا نقارب الأمور بمنظار السياسة ولكننا نقاربها بمنظار الإستثمار وكذلك الكلام عن دور وعن الإقتصاد ونريد أن نستفيد من كل التجارب مجتمعة ونسعى لبناء شراكات مع الآخرين لا سيما مع الجانب الصيني ولكن وفقاً للشروط التي تناسب مصالحنا كما ذكرت آنفاً.
كيف لمستم التفاعل الصيني تجاه مشروع المنظومة؟
لقد لمسنا أن أكثر الجهات إهتماماً بالمشروع منذ بدايات إطلاق فكرته هي الصين حيث اننا إستعنا بإختصاصيين وبادرنا الى الإتصال بسعادة السفير الصيني السابق وطلبنا الوقوف على رأي إختصاصيين حينما سنقوم بطرح مرتكزات المشروع عليهم ويتمثل بمنظومة إقتصادية وطنية إقليمية دولية متكاملة على إمتداد واجهة بحرية تمتد من طرابلس الى الحدود اللبنانية السورية في العريضة.
وقد أبدوا إستعدادهم حينها لتبني المشروع لأنه يندرج في سياق مبادرتهم حزام وطريق الحرير وتحت أية صيغة تعاون يتم العمل المشترك على بلورتها خصوصاً حينما تقوم الدولة اللبنانية بإقرار هذا المشروع، ومن ثم توالى الآخرون من اجانب وعرب ودول الخليج وبشكل محوري وأساسي الامارات، وهناك تواصل مع كل الجهات بهذا الخصوص ولكن الظروف الصعبة التي حلت على البلاد من إنكماش إقتصادي وجائحة كورونا وخلافها من الأوضاع أوقفت كل شيء في المرحلة الراهنة.
كيف تنظرون الى تنويع مصادر الإقتصاد في لبنان والاستفادة منها؟
من الطبيعي أن نقوم بإعداد مشاريع إستثمارية يحتاجها الآخر، ولقد اعددنا دراسة علمية متخصصة تشير الى أن مرافىء لبنان وسوريا مجتمعة تخدم الملاحة الدولية بمليونين ونصف مليون حاوية في السنة، في حين أن حجم الملاحة الدولية في شرق البحر المتوسط هو 60 مليون حاوية فالمنطقة تحتاج الى مرفأ مقصد ونحن قادرين على أن نكون المرفأ المقصد على مستوى المنطقة، ومرفأ بيروت هو مرفأ العاصمة العربية الوحيدة المطلة على البحر في حين أن باقي عواصم البلدان العربية لا إطلالة لها على مياه البحار ونحن لدينا عاصمة على البحر هي بيروت واجهتها البحرية مليون و200 ألف مترا، وليس من المعقول في شيء أن يتم إستعمالها للمواشي والحبوب وللحاويات وهي في الأساس مجالاتها ضيقة جداً وسعر متر الأرض غالي الثمن جداً، كما أن بيروت هي جاذبة للإستثمارات ولديها القدرة على أن تكون العاصمة والواجهة البحرية وأن تلعب أدوارا سياحية مثل مونت كارلو المنطقة، أو ميامي المنطقة، أو برج خليفة المنطقة، كما أنها قادرة على جذب الإستثمارات السياحية الضخمة وبيروت حاضنة لهكذا مشاريع، ومن الطبيعي ان المنظومة الإقتصادية المتكاملة في لبنان من طرابلس الكبرى بما تحتضنه من مرفأ ومطار ومنصة للنفط والغاز، وهي واجهة بحرية تم ردمها بالإفتراضي فبلغت مساحتها 21 مليون متراً مربعاً وفيها مرفأ إقليمي دولي ومطار إقليمي دولي ومنصة للنفط والغاز إقليمية دولية والمصانع هي المكان المناسب لها وفي خلفيتها يتواجد طاقات بشرية يمكن تدريبها وتأهيلها وصقل مهاراتها من خلال دورات هادفة ترفدها الى سوق العمل، وبالتالي خلال فترة زمنية قصيرة نسبيا نستطيع أن نبدل من ثقافة الناس والإنتقال بهم من ظروفهم الصعبة الى أناس لديهم العلم والمعرفة ويصبح لديهم حياة آمنة ومستقرة ومزدهرة.
لمتابعة باقي أجزاء السلسلة : اضغط هنا