ألقى كلمة رئيس الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية قاسم طفيلي كلمة في دورة حكاية الديمقراطية والتنمية التي نظمتها دائرة العلاقات الخارجية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني يوم الثلاثاء 15 آذار الحالي.

الأصدقاء والرفاق الأعزاء

اذ يسعدني المشاركة في هذه الدورة الدراسية المكرسة لتعزيز التعاون والتبادل بين الحزب الشيوعي الصيني والأحزاب السياسية والمؤسسات الفكرية ووسائل الاعلام في الدول العربية، اسمحوا لي بداية بتوجيه الشكر

للرفاق في إدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا لدائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني لجهودهم المستمرة في تنظيم اللقاءات والفعاليات المختلفة تعميقًا للتواصل وتعزيزًا للعلاقات المشتركة.

وإذا كانت جلسة اليوم الأول من هذه الدورة قد حفلت بمروحة من التبادلات والمداولات والاقتراحات تحت عنوان الحزب الشيوعي الصيني في العصر الجديد وحول الديمقراطية والتنمية، اسمحوا لي بتسجيل بعض الملاحظات والنقاط حول سبل تعميق العلاقات العربية الصينية في ضوء الأوضاع التي تعيشها منطقتنا.

مما لا شك فيه ان العلاقات العربية الصينية قد تطورت خلال السنوات العشر الماضية الى مستويات إيجابية مهمة وهي تملك كل المقومات لترتفع الى مستويات اعلى متقدمة وهو امر يضعنا مباشرة امام المهمات الملقاة على الجانبين لتحقيق هذه النقلة الضرورية. لقد بادرت الصين مشكورة الى إطلاق العديد من المبادرات التي تفاعلت الدول العربية معها وهو ما وضع اطارًا عامًا وصحيًا لارتقاء هذه العلاقات. وقد أتت مبادرة الحزام والطريق والدول العربية في صميمها لتشكل فرصة ذهبية وتفتح افاقًا حقيقية لتنمية المجتمعات العربية المستدامة. وعلى الرغم من محاولات التشويه والتشكيك ورغم ظروف ومعوقات الجائحة فان المبادرة قد حققت نجاحات ممتازة رغم تفاوت الظروف بين دولة عربية وأخرى.

على ان النقطة المحورية التي يجب تسجيلها هنا، هي الحاجة الى مزيد من الجهود لتطوير العلاقات الشعبية العربية الصينية وتعزيزها لتشمل كل المجالات. أن تمتين العلاقات العربية الصينية بشكل مستدام يجب أن لا يقتصر على المستوى الرسمي رغم أهميته بل يجب تكثيف العمل لإطلاق عملية تفاعل حضاري وثقافي بين الشعبين العربي والصيني لكي تترسخ العلاقة من شعب لشعب وليس من دولة لدولة فقط إغناءًا لهذه العلاقة وفتحًا لأفاقها الواسعة.

ويمكن القول هنا ان رواية قصة نجاح الصين ونجاح الحزب الشيوعي الصيني في بناء نموذجه للتنمية ومحوره سعادة ورفاه الشعب يقع في صلب بناء هذه العلاقة الشعبية مع الصين حيث اننا نحتاج كعرب للتعلم والاستفادة من هذه التجربة. وهو ما يطرح امامنًا تحديات جوهرية حول كيفية الوصول الى هذا الهدف.

ان هناك كمًا هائلًا من الكذب والافتراءات والادعاءات والتضليل وتزوير الحقائق التي تضخ يوميًا للتأثير على الراي العام ويجب ان نلاحظ ان هذا التشويه الممنهج التي تقوده الولايات المتحدة الأميركية مستخدمة كل ادواتها الإعلامية ومن خلال التحكم بمفاصل وسائل التواصل الاجتماعي واستغلالها يلقى اذانًا لدى بعض الأوساط وهو ما يضاعف من مهماتنا المشتركة لإيصال الصورة والخبر الحقيقيين لأوسع عدد من الجمهور.

يجب ان لا ننسى ان الممارس الأول للنفاق قد تعهد بتقديم 300 مليون دولار لتمويل آلة إعلامية عالمية ضخمة مناهضة للصين وهو ينفذ ذلك بطرق مختلفة لاسيما ما يسمى مساعدة وسائل الاعلام لنشر المعلومات حول ما يسمونه “الأثر السلبي” لمبادرة الحزام والطريق في البلدان المشاركة في هذه المبادرة. كذلك هو ينفذ مخططات وبرامج “التدريب” للصحفيين بهدف مواجهة الصين وتشويه سمعتها.

واذا كنا لا نريد التعميم فلا بد من ملاحظة ان الفكر السياسي الغربي قد بني على افتراض أنه يمتلك احتكارًا لما يُنظر إليه على أنه “حقيقة سياسية ” ، وهو مصدر كل التنوير ، وفي ممارسة هذا “الاحتكار”‘ ، يكون لنفسه تفويضًا إلهيًا لنشر هذه “الحقيقة ” للآخرين .

يرسم هذا تمييزًا منطقيًا ثنائيًا مفاده أن كل ما يدعو إليه الغرب يكون دائمًا مدفوعًا بحسن النية، على عكس المصلحة الذاتية،

وأن كل من يعارض هذه الأجندة يكون دائمًا مدفوعًا بسوء النية والدوافع الشريرة.

وهذا ما تمارسه الصحافة الغربية، باعتبارها المصدر الوحيد المحايد والقابل للتحقق من “الحقيقة” وأن كل من يشكك فيها يدافع عن “الدعاية” او “البروباغندًا وهي صفات تنطبق على “الدول المعادية” حسب تعبيرهم. “

ومن ضمن المنهجية نفسها فان الولايات المتحدة لا تستهدف الصين فحسب بل انها تحاول التدخل والتلاعب بسياسة (وعقول) مواطني العديد من الدول من خلال نشر معلومات مضللة وسلبية حول مبادرة الحزام والطريق وهو ما يطال الدول والشعوب العربية إضافة الى افريقيا وأميركا اللاتينية وغيرها. وكل ذلك يسوق بالطبع على انه من ضمن “مسؤولية” الغرب لإنقاذ ” المتخلف” غير الغربي وباعتباره أي الغرب يملك “الحقيقة”!

إذا كان ثمة خوف أميركي (وغربي الى حد ما) فهو ان يزداد وعي شعوب العالم على حقيقة النموذج الصيني وأسباب نجاحه. لذلك يحق لنا ان نتوقع تفاقم الحملات الإعلامية الضخمة بوصفها حربا أساسية وكأن الغرب لا يملك سوى هذه الوسيلة لوقف المحتوم!

وختامًا وبسبب من ضيق المجال، اود ان أورد بعض العناوين لما يمكن ان يشكل مساهمة في تعزيز التعاون الإعلامي الذي يجب ان يأخذ حيزًا مهمًا في تعميق العلاقات العربية الصينية.

نعتقد انه يجب العمل على التالي:

1- توسيع منصات الوسائط الإخبارية بالاستناد الى المصادر الإخبارية الصينية مباشرة مع استهداف توسيع شبكة المهتمين بمعرفة المزيد عن الصين.

2 – التركيز على المقالات التحليلية الإخبارية لنقض وفضح الأخبار الكاذبة الغربية

3- تحسين فهم الجمهور للحياة في الصين (بما في ذلك اللغة والسياحة والثقافة)

4- استعمال وسائط التواصل الاجتماعي والتركيز على عرض تجارب الشعب الصيني في محاربة الفقر والتنمية الريفية والصناعية.

5- شرح طبيعة المبادرات الصينية بالعلم والأرقام للكشف عن الإيجابيات التي تختزنها تلك المبادرات ومن ضمنها مبادرة الحزام والطريق تجاه الدول العربية والتي يجري اما تجاهلها في الوسائل الإعلامية المحلية او تشويهها في وسائل التواصل الاجتماعية.

6- التركيز على الندوات الفكرية الثقافية التي تسهم في تعميق المعرفة المتبادلة وتتناول مظاهر تشويه صورة الصين كذلك يجب العمل سويًا لنساهم في توضيح صورة العرب الإيجابية لدى الشعب الصيني.

7- تنظيم حلقات دراسات حول التجربة الصينية الرائدة والتعرف على حقيقتها ومن مصادرها المباشرة وتعميم كيفية الاستفادة منها.

شكرًا